تشخيص خاطئ لمرض السرطان يدمر شابا من قسنطينية
تعقدت بشكل غريب قضية الشاب سعد غفار القاطن بمدينة قسنطينة، والتي سبق للشروق اليومي أن طرحت مأساته منذ ثلاث سنوات، بعد أن توفي مؤخرا محاميه الأستاذ عبد الله عيسوس، الذي تكفّل بالدفاع عنه ونقل قضيته الغريبة إلى المحكمة العليا، بعد أن قضى الفرع الإداري على مستوى مجلس الدولة للمحكمة العليا بعدم التأسيس، مما فرض الاستئناف الذي باشره المحامي الأستاذ عيسوس نحو مجلس الدولة، قبل أن يتوفى المحامي ويعجز الضحية الذي يعاني من مشاكل نفسية، أوصلته إلى مستشفى الأمراض العقلية بوادي العثمانية بولاية ميلة، عن فك طلاسم حياته المعقدة، منذ أن تعرض لحادث مرور بمدينة سطيف في خريف 2005، كاد أن يودي بحياته، حيث أصيب بشلل أرقده مستشفى سعادنة لمدة قاربت النصف عام، وعندما تدهورت حالته الصحية تم تحويله إلى المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، وكان على أهبة إجراء عملية جراحية دقيقة في صيف 2006، إذ تم استئصال جزء من أمعائه، وبعد إجراء التحاليل الضرورية قبل العملية الجراحية، أبانت أنه مصاب بسرطان الدم في مرحلته الأخيرة، وتم تسليمه ملف التشخيص المميت في 15 جويلية من عام 2006.. وهو التشخيص الذي أفقده شهية الحياة، فأضاع عمله في عالم الاستيراد والتصدير، فقرر أن يهجر كل الذين يحبونه، ففسخ خطبته من شريكة حياته المقبلة، التي كان من المفروض أن يقيم عرسا معها في أوت 2006، وصار يعد الأيام للموت فقط، وتم تحويله من قسم الجراحة والشلل إلى قسم الأورام السرطانية في المستشفى الجامعي، وتمت برمجة اسمه ضمن قائمة المرضى الذين تتطلب حالتهم جلسات كيميائية عاجلة، وفي مرحلة الانتظار، تدهورت الحالة النفسية لسعد غفار، خاصة عندما تحول إلى عنابة، وأخذ جزء من أمعائه للتحاليل، اتضح أنه لا يعاني من أي ورم خبيث، وعندما أخطر أهله لم يصدقوا، وخافوا على ابنهم من الوهم النفسي، ليرقد بعد ذلك في مستشفى الأمراض العقلية، وصار معاقا ذهنيا بنسبة مئة بالمئة، ولأنه شاب تاجر في الاستيراد والتصدير ومن عادته السفر إلى الخارج، تنقل إلى فرنسا وعاود التحاليل بمخبر بمدينة مارسيليا الفرنسية بنهج الماريشال فوغ، حيث تبين أنه معافى من أي مكروه، فلم يصدق نفسه، فتحوّل إلى جامعة باولي كالميث الطبية بمدينة ليون، التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن سعد لا يعاني من أي مرض خبيث.. سعد غفار طار إلى الجزائر، وبدأ محاولة لجمع شتاته، فوجد أن مؤساسته أفلست وخطيبته السابقة تزوجت، وكل أمواله قد أنفقها في العلاج والتحاليل، وصار نزيلا دائما لمستشفى الأمراض العقلية، رفع دعوى قضائية وفي زمن الحكم مات محاميه، راسل الجميع وقال، أمس الخميس، للشروق اليومي: إنه حتى لو استرد حقوقه المادية بعد الذي حدث له، فإنه لن يسترد عمره الذي ضاع منذ ست سنوات.