إرث الحقد /ج1/
منذ الأسبوع الأول من ولدته – كما قالت جدتي- بدا من نظراته وكأن شررا بتطاير , وفي بكائه زئير أسد ثائر , أما يداه الناعمتان ترسمان إشارات وعد ووعيد ..
لم يأبه أحد بذلك , ولم تتنبأ والدته ولا من هم حوله بشيئ لكونه رضيعا في المهد , ولسنا في زمن المعجزات , ولا يعلم أحد الغيب , ....
ومرت الأسابيع والشهور والسنوات فأمسى الوليد الرضيع شابا قوي البنية , مفتول العضلات , فارع الطول , حاد اللسان , ثاقب النظرات , كثير الريب والشك والظنون , متهاون غير مبال .. وكبر معه حقد لم تعرفه العائلة , ولم يحدث أ، سمع به في القرية ... ينفعل لأتفه الأسباب ويختلق لها المسببات ...إذا تكلم أمر , وإذا غضب فجر , وإذا منع كفر ...
نكر حتى النطق بكلمة أمي , فهي بالنسبة إليه غريبة عن البيت , حقد على أخواته وأخيه , وعماته وأقرب الناس إليه .. كلهم في ك كيس واحد مخادعون – كما يزعم ويتخيل ...
أساء لمن مد له يد العون أية إساءة ... خاصم والده ونفثه بسم عينيه , وراح لا يعير له قيمة وجود ... وهكذا تعيش العائلة سوادها ليلا نهارا ومع ذلك فقلب الأم عليه انفطر وقلبه عليها حجر – كما يقال- كل يدعو له بالهداية , لكن أنى يستجاب فقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل واتسع الخرق على الخياط ...تمرد.. عصيان.. عقوق...
لايعجبه كلام , ولا تنفع معه نصيحة , ينط من مكان لآخر .. إذا اشتغل يوما عاش شهورا بطالا
ابراهيم تايحي