الوصيــــــــــــــــــــــــــة
عذرا سيدتي لعلني أتيت في وقت غير مناسب , قد اخترقت هدوء خلوتك دون إشعار أو سبب.
أدارت كرسيها المتحرك ومالت برأسها , تسرب خمارها , سدل شعرها على وجهها ومنكبيها وجزء من صدرها, ثم اعتدلت في جلستها محاولة إعادة تغطية رأسها حيث الخمار منها أنساب انسياب مياه الجداول في رحم الحديقة الغناء ذات الورد والورود والطيب والريحان وطين من زعفران , نظرت إلي وكأنها تطلب مني مساعدتها في التقاط الخمار , فهمت , سارعت لالتقاطه , ساعدتها في لفه , مسكت بيد وكأن فتوة حلت بها , شملتني بنظرة عميقة لم أتعود عليها من ذي قبل , الدموع جادت بها مقلتاها سيلا منهمرا , هالة زرقاء لونها داكن أحاطت بعينيها , أهدابها تلمع مما علق بها من قطرات الدموع , ثم تكلمت فقالت:
تفضل – مشيرة بيدها إلي أن أجلس- أنا مقتصرة تماما في حقك.
تعجبت من قولها هذا , وما الداعي لذلك ؟ بهت .. كدت أنكر عليها ما تقول ...
دنوت منها قليلا وبيدي منديل من ورق معقم .مسحت ما كسا محياها من دموع
لم تمانع ..لم تجزع... لم تدافع... تركتني أفعل ذلك وكأنها ارتاحت من ذلك..