التائه في حنايا الزمن
شغلتني دنياها عن دنيتي , وسبق السيف العذل, فأصاب كبدي ومهجتي , فلا أنا بقادر على رفع سبابتي , ولا هي لنداء الخافق بملبيتي , فررت منها فوقعت في كمين أسر سريرتي ,
قالت لي محدثتي-
لا تخف فأنت منصور لا ريب؟.
تعجبت من كلامها الغريب ...
أو تعلم ما ينوء به هذا الذي أعياني؟
أو أنها تجس نبض هذا الأمر المريب ؟
لا شك أنها بين هذا وذاك تروح وتغدو فوق رطب القضيب
شعرت بلطفها ومعاناتها فهل تدري هي أن الأمر شاق وعصيب؟
سايرتها أدبا واحتراما لكني عن الجوهر المفقود لا أجيب
وتهت حينها وقبلها ولا زلت تائها في أرض جرز , لا ضرع ولا زرع فيها
الا من نظرات ريب
سرت سير الكهول ... سرت سير الشيوخ فألفيت الجميع قد أصيب
عدت لأربع وخمسين ربيعا خلت من عمري ..سائلا الوليد
هل مر به الجوهر المفقود يوما؟ أو سمع به ؟
فقال لي – أمرك محير مشيب
كيف لي أن أعرف ولم يمر من عمري الا يومان ؟
كيف لي أن أعلم ذلك وأمي لم تعلمني الا حرفين
ينطق بهما لساني ستة واثنين
أنصحك أن تبحث بعيدا عن هذه الديار فليس لك فيها مستجير أو حبيب
أمسي وأصبح تائها أتغذى دون رطب وزبيب
في دهاليز الأقزام أغوص وأغيب
فلا شمس دف ء حركت الدم في الوريد , ولا قمرا تلاها يحمل لي
من أنباء الجوهر ما يبدي ويعيد
ان عقلي عقيم اذا ما حاولت الأنحراف عن حوضها
أو جست بين الديار بحثا عن دارها
هي القريبة النائية ..وأنا التائه في بيداء الضاحية
وانشق القمر وانبلج الفجر بضياء صبح لم يأت بنبأ
يثلج صدري ويداوي أوجاعي
بل أتى بأمر أدهى وأمر
وهل لي بعد هذا من خفقة حمام زاجل يخبرها؟
بما آل اليه هذا الضمير المستتر
ألم يأن لهذا الجفا أن يزدجر ؟
ألم يأن لهذا الصخر أن ينفجر ؟
ألم يأن لهذا الفارس أن يفكر ويقدر ؟
ألم...ألم...ألم....
ضالة الناس كنت لها مدركا
أما ضالتي لم أر لها من مسلكا
أهذه هي الحياة تقبل وتدبر ؟
أم أنها جهنم لا تبقي و لا تذر؟
ترمقني بعين وشرر
ما بي......؟
ما أصابني.....؟
لما كفتا الميزان انقلبتا..؟
لا أدري...لا أدري
حتى لو كنت أدري فأنا حقيقة لا أدري

تايحي ابراهيم