القمر وامرآتان
...وقد غشى الليل مهجتي بعد أنين وسيول عبراتي, وقبل أن ينبلج صبح ويا ليته لم يتنفس , أدركت أني أسبح وبنات مخيلتي في حمى كانت بالأمس القريب تحت قبضتي
, وما تعالت شمس ذاك اليوم الا باهتة , وتاه معها ذاك الخافق جانحا لغير هدف, وهل بعدما اختلس حديث الليل مني كل أمنيتي يبقى لي حل؟ , وقد تعاظمت كروب مصيبتي واقترب مني رويدا رويدا القمرمؤانسا وحدتي..وقال.لما الجزع؟ لما الفزع؟ لما الهلع؟ لما التسرع؟....؟ فالذي تبتغيه دونه الشجاع الأقرع.
أوجست خوفا وخيفة, وفي الأعلى قطعة سحاب تمر خلتها سفينة أتت لتحملني وتحمل أوزاري فما ألفيت الا ذكرى مومياء محنطة بتقاليد أفرزها أنذال المجتمع
وأخرى قد نهشتها ألسن حادة أتت على الزرع والضرع...عدت أجر قدمي وخطواتي متعثرة مفتشا عن أنيسي القمر..فوجدته بعد نصب وعناء , وتعب وعياء
..ضحك ملأ شدقيه , وتفجر حلقه بقنابل من عهن .
تأملني مليا ثم تزحزح عن مكانه تاركا فراغا مهولا , ذي دخان شديد
السواد, نتن الرائحة , و صوت يصم الأذان , ..تقدم نحوي ويداه
ممدودتان صوب عنقي فتلبسني الخوف وتملكني الرعب ...
أحسست أني أغوص في بحر لجي .. شعر هو بذلك .. انهمرت الدموع من عينيه
...تحولت الوحشة من على محياه الى بسمة حنين وشفقة ...ارتخت يداه
..جلس القرفصاء على أديم السحاب .. رفع رأسه الى أعلى وكأنه يناجي أحدا..
واذ بالسماء تفتح أبوبها فتغمر ذاك السواد وتزيل تلك الرائحة ...
وما هي الا لحظات اذا بشئ يهزني من مكان الى آخر حتى استقر بي الوضع
بمسجد رواده تهيئوا لصلاة الفجر واذا بأمامهم يشق الصفوف ويأخذ بيدي
الى الصف الأول ثم خاطبني بقوله . أقم الصلاة

ابرهيم تايحي