شيئ في صدري
...لا يعلم ما في القلوب الا علام الغيوب,.
*...قالوا لا علم لنا انك أنت علام الغيوب...*
وما ذاك الخافق الذي بين أضلعي والذي لم يهدأ ولم يمل, الى حين
يأتي أمر ربي , وما بين ولادتي في بيت توسط بنيانه بيوت البائسين
المحرومين وتحت سقف من سعف النخيل تسنده جذوعها الميتة
كانت صرخة قدومي لهذه الدنيا الزائلة, وبين ما أكتنزه قلبي بعد رحيل سنوات
وذبول أوراق عمري وذهاب فتوة كثيرا ما أغوتني وجذبتني لبريق الحياة
اذ بشئ ينبعث كالمارد من سويداء فؤادي يجرني جرا نحو سراب أعتقدت
أنه الملجأ والمنفذ من أدران ما أحيط بي من أوساخ المجتمع , وأصفاد
الأقرباء وأغلال الأهل ووخز ابر العشيرة .............................
وراح هذا الشيئ ينمو ويكبر يوما بعد يوم , ويمد ذراعيه ذات الأحبال والسلاسل
ملتفةحول جوارحي , وضاق الكبد ذرعا بما عانى ويعاني حتى أضحى
كخرقة قماش مهلهلة , ولما أعيتني المعاضل وطرحت فراشا وناء عني كل ذي كبد رطب تذكرت أن الذي أوصلني الى هذه الحالة هو شيئ بين قلبي وربي
عندها وبالكاد علمت يقينا أن موعد التفاف السلق بالساق قد دنا , وليس بوسعي الا
أن أفوض الأمر الآ الله *...وأفوض أمري الى الله ان الله بصير بالعباد*
الا تتعظ أيها القلب بعد هذا..؟ الا تتوب بعد هذا...؟ قد أعييتني وعجلت لي بالهرم
من العمر قبل أوانه, أصابتني العلل بسببك فأمسى هذا الجسد كأعجاز نخل خاوية
نخرته جيوش أحلامك وأمانيك وأنت تعلم أن ما صبوت اليه يفوق المستحيل حتى
وان أدركت شيئا منه , واني لأراك متشبثا به ...يشدك الحنان ويدفعك التمني
ويغطيك الوفاء لذاك الأمر الذي حقا وصدقا هو أنعم من الحرير وألين من اللين
وأنقى من النقاء وأحلى من الشهد وأصفى من الصفاء و أصدق من الصدق...
هو حقا عرش بنيت جدرانه من لبنات العفة , وأبوابه لا تفتح الا بميثاق غليظ
لا ولم يطمثه انس ولا جان , وكدت تتربع عليه لولا طارق من السماء,كدت
تحتضنه لو أسرعت الخطا وتذوقت من عرق جبينك طعم الخوخ وما شابهه, وفي الحقول حقل ما كان لك أن تخطئ السبيل للوصول اليه , لكنك ركنت واستسلمت
وركبت بحرا أمواجه متلاطمة وحيتانه اياك منتظرة ملتهمة , ولم تحسن ركوب الخيل الأصيلة فاغرف من ماء البحر ما قدرت مقتصدا ليوم أراه بقريب.
تايحي ابراهيم