جاء في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني، وصفاً لدراسة علمية هي الأولى من
نوعها لأنها تتدبر الآيات القرآنية بينما الدراسات التي تهتم بالإعجاز
العلمي في القرآن تأتي عادة بالنظرية العلمية أولاً ثم تنسبها إلى الآيات
القرآنية المناسبة لهذه النظرية .
إن هذه الدراسة تحتاج إلى أبحاث كثيرة تشمل عدة علوم في نفس الوقت مثل علوم
الأرض والجيولوجيا والجغرافيا وعلم المعادن والهندسة وعلوم الآثار
والتاريخ والأنتروبولوجيا وعلوم اللغة وتطورها .
إن هذه الدراسة تعتقد أن ذي القرنين(كورش الأخميني) ، قد بدأ رحلته كما ينص
القرآن ، من الغرب أي من العالم الجديد وهو ( آمريكا الشمالية والجنوبية)
متجهاً إلى الشرق القديم وهو (آسيا وأفريقيا وأوروبا ) .
كما ترجح الدراسة بأن رحلة ذي القرنين كانت بالبر عن طريق مضيق ( برنج )
الذي يفصل بين شمال غرب أمريكا الشمالية وشمال شرق آسيا ،وهو يكون يابساً
في الفترات الجليدية لأن مستوى سطح البحر يكون منخفضاً ومتجمداً .
وتعتقد الدراسة أن ذي القرنين وصل إلى سيبيريا لأنها تتميز بشروق الشمس
الدائم وفقاً للآيه ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل
لهم من دونها ستراً ) أي ليس بينهم وبين الشمس ستراً ومن المعروف أن الشمس
تظل مشرقة لمدة شهرين كاملين أثناء فصل الصيف في هذه المنطقة .
ويعتقد أيضا أن ذي القرنين التقى بقبائل الإسكيمو التي تسكن سيبيريا لأنه
لم يلتقي بقبائل خلال رحلته الطويلة وهذا يتوافق تماما مع سيبيريا الخالية
من السكان ماعدا قبائل الإسكيمو .
وتعتقد الدراسة أنه واصل سيره حتى وصل إلى جبال القوقاز التابعة إلى روسيا
حالياً والتقى بقوم يعيشون في شمال جبال القوقاز ( قوم بين السدين ) وأن
يأجوج ومأجوج كانوا يغيرون عليهم من جنوبها .والمعروف أن البشر الأكثر
تحضراً وقوة يغيرون على القوم الأضعف والأقل حضارة ,وهذا يعني أن يأجوج
وماجوج كانوا من البشر واكثر حضارة من (قوم بين السدين) لذلك طلب ( قوم بين
السدين) من ذي القرنين أن يبنى لهم سداً أو ردماً.
إن يأجوج ومأجوج ليسوا من الجن بل هم من البشر وذلك لما جاء في كتب التفسير
مثل تفسير ابن كثير ، لكنهم بشر غزاة لانهم أكثر قوة و اكثر حضارة من (
قوم بين السدين ) وهم ينتمون إلى الحضارات الموجودة في جنوب القوقاز .
وما يثير الدهشة هو أن جميع الحضارات التي جاءت بعد بناء الردم كانت تتوقف توسعاتها عند الجانب الجنوبي لجبال القوقاز .
تعتقد الدراسة أن هذا الردم يعرف اليوم بسد ( دربند ) الموجود حالياً في جبال القوقاز ، وهذا الاعتقاد ناتج عن الأسباب التالية :
إن الردم يشبه كثيراً ردم ( دربند).
إن الردم يقع على نفس امتداد رحلة ذي القرنين وهو جبال القوقاز.
إن مناطق شمال جبال القوقاز لم تتعرض لأي فتوحات خلال التاريخ القديم . فكل
الفتوحات القديمة مثل فتوحات الإسكندر الأكبر والفتوحات الإسلامية لم
تتجاوز حدود جبال القوقاز. وكأنها محمية من أي غزو .
وجود العين الحمئة في غرب العالم الجديد وعدم وجودها في غرب العالم القديم "
حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة و وجد عندها قوماً. . . ".
إن العيون الحمئة أو ما يعرف بالينابيع الحارة تتواجد في مناطق بركانية غرب أمريكا الشمالية و الجنوبية ونيوزيلنده وأيسلندا.
إن الردم وصفه ذو القرنين يتألف من الحديد أو صخور مليئة بالحديد كما جاء
في القرآن ( زبر الحديد ) وهذا يتوافق تماماً مع انتشار معدن الحديد بكميات
هائلة في جبال القوقاز .
تعتقد الدراسة أن ذي القرنين عندما طلب من القوم أن يأتوه بالقطر كان يقصد
بالقطران وليس النحاس على الرغم من أن النحاس يمنع صدأ الحديد وذلك للأسباب
التالية :
1- عدم وجود النحاس في جبال القوقاز.
2- إن النحاس يحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة حتى يصل إلى درجة الذوبان لكي
يصب مع الحديد . بينما القطران لا يحتاج إلى النار لكي يصل إلى درجة
الذوبان ، بل على العكس فإنه لا يتجمد بدرجة حرارة الجو العادية.
يتضح من هنا أن ذي القرنين قطع الحجر الذي يحتوي على الحديد ثم أشعل النار
ليذوب الحديد ، ثم أضاف عليه بعد ذلك القطران وهو ذائب . ولو أنه وضع
القطران مع الحديد وأشعل النار لذهبت فائدة القطران لأنه سوف يحترق . لكن
وجوده كسائل فوق سائل الحديد المذاب يقوي من خصائصه .وهذا ما يتم حالياً في
صناعة الحديد والفولاذ .
أما بالنسبة للردم ، فإن ذي القرنين قام بالردم بين الجبلين بتلك المواد حتى جعل ارتفاع الجبلين متساوي وفقاً للآية:
( حتى إذا ساوى بين الصدفين ) أي الجبلين المتباعدين . إن الردم ملا مكان
الفراغ بين الجبلين فساوى بينهما أي جعل الارتفاع بينهما متساو ياً وجعل
ارتفاع الردم بينهما متساوياً ، ثم طلب من القوم أن يوقدوا النار حتى ذاب
الحديد من الحجارة وأصبح كالنار ثم صب فوقه القطران ,وهكذا عجز قوم يأجوج و
مأجوج اعتلاء الردم بسبب ارتفاعه الشاهق ولاستواء جوانبه كما أنهم لم
يستطيعوا له نقباً لصلابة الحديد غير القابل للصدأ ( من الفولاذ ).