وبيان أن الملاحدة الطاوية + الهندوسية + البوذية = الطاقة الكونية + الين واليانغ + البرمجة اللغوية العصبية
انتشر في السنوات الأخيرة في العالم ومنه عالمنا الإسلامي مصطلح "الطاقة" بمدلولات جديدة غير التي كنا نعرفها ، فليس المقصود منها الطاقة الحرارية ، ولا الكهربائية وتحولاتها الفيزيائية والكيميائية المختلفة سواء الكامنة منها أوالحركية أو الموجية ، وليس كذلك ما
إن الطاقة المرادة هي "الطاقة الكونية" حسب المفاهيم الفلسفية والعقائد الشرقية ، وهي طاقة عجيبة يدّعون أنها مبثوثة في الكون ، وهي عند مكتشفيها ومعتقديها من أصحاب ديانات الشرق متولدة منبثقة عن "الكلي الواحد" الذي منه تكوّن الكون وإليه يعود ، ولها نفس قوته وتأثيره ؛ لأنها بقيت على صفاته بعد الانبثاق (لا مرئي ، ولا شكل له ، وليس له بداية ، وليس له نهاية ) بخلاف القسم الآخر الذي تجسّدت منه الكائنات والأجرام ،وهذه هي عقيدة وحدة الوجود بتلوناتها المختلفة " العقل الكلي ، الوعي الكامل ، الين واليانج " . أما المروجون لها من أصحاب الديانات السماوية ومنهم المسلمون فيفسرونها بما يظهر عدم تعارضه مع عقيدتهم في الإله ، فيدّعون أنها طاقة عظيمة خلقها الله في الكون ، وجعل لها تأثيراً عظيماً على حياتنا وصحتنا وروحانياتنا وعواطفنا وأخلاقياتنا ، ومنهجنا في الحياة !!
وهذه الطاقة غير قابلة للقياس بأجهزة قياس الطاقة المعروفة ، وإنما يُدّعى قياسها بواسطة أجهزة خاصة مثل "البندول"، فبحسب اتجاه دورانه تُعرف الطاقة السلبية من الطاقة الإيجابية ، وبعضهم يستخدم "كاميرا كيرليان" التي تصور التفريغ الكهربائي أو التصوير "الثيرموني" ، أو تصوير شرارة "الكورونا" ، أو جهاز الكشف عن الأعصاب ويزعمون أن النتائج الظاهرة هي قياسات "الطاقة الكونية" في الجسد !! في محاولة منهم لجعل "الطاقة الكونية" شيئاً يقاس كالطاقة الفيزيائية ؛ لتلبس لبوس العلم ، ولتوحي ببعدها عن المعاني الدينية والفلسفات الوثنية، مستغلين جهل أغلب الناس بهذه الأجهزة وحقيقة ما تقيس .
ومن ثم فهذه الطاقة المسماة "الطاقة الكونية" لا يعترف بها العلماء الفيزيائيون فليست هي الطاقة التي يعرفون ، ولا يعترف بها علماء الشريعة والدين ، فليست الطاقة التي قد يستخدمونها مجازاً بمعنى الهمة أو الإيمانيات العالية ونحوه ، إذ كلا الطاقتين لاعلاقة لها بطرائق الاستمداد التي يروج لها أهل "الطاقة الكونية" ، وهي عقائد أديان الشرق وبخاصة الصين والهند والتبت وهي ما يروج له حكمائهم الروحانيين وطواغيتهم قديماً وحديثاً .
وتسمى هذه الطاقة بأسماء مختلفة بحسب اللغة ، وتمرين الاستمداد فهي طاقة "التشي" ، وطاقة "الكي" ، وتسمى "البرانا" و"مانا" . ويزعم مروجوها من المسلمين -جهلا أو تلبيساً- : ( أنها المقصودة بمصطلح "البركة" عند المسلمين !! فهي التي تسيّر الأمور بسلاسة ، ويستشعرها المسلم في وقته وصحته وروحانيته) وتعجب عندما ترى هؤلاء المروجين يؤكدون أنها "بركة" ليست خاصة بدين معين ، ولا تختص بالمسلمين دون غيرهم ، بل إن حظ "المستنيرين" من أهل ديانات الشرق منها أكبر بكثير من أكثر المسلمين اليوم لغفلة المسلمين عن "جهاز الطاقة" في "الجسم الأثيري" ، وعدم اهتمامهم بـ"شكراته ومساراته" !!
وتنقسم "الطاقة الكونية" إلى طاقة إيجابية وهي الموجودة في الحب والسلام والطمأنينة ونحوها ، وطاقة سلبية وهي الموجودة في الكره والخوف والحروب ونحوها .لذا يطالب معتنقوها بمن فيهم من المسلمين بتصفية النفوس والعالم من (الطاقات السلبية ) أي لابد من القضاء على الكره والخوف من قلوب العالمين!!! والقضاء على مسبباتها من النقد والجدال والحروب !! والأمر لدى المسلم في غاية الوضوح - بفضل الله الذي تكفل بحفظ الدين فتربت الأمة على نصوص الوحيين - فلا يمكن أن يقوم إيمان إذا انتهت هذه العواطف الإيمانية من قلوب المؤمنين ، قال صلى الله عليه وسلم : فيما رواه الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : كنّا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أيّ عرى الإسلام أوثق ؟ ) قالوا : الصلاة . قال : ( حسنة وما هي بها ) قالوا : صيام رمضان ، قال : ( حسن وما هو به ) قالوا : الجهاد . قال : ( حسن ومـا هو به ) قال : ( إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله ) . ورواه أبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان بنحوه . وروى الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أوثق عرى الإيمان ، الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله ) .
إذا أوثق عرى الإيمان الحب والبغض في الله
فالحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله من أهم أمور الدين وأوثق عرى الإيمان كما قيل :
وما الدين إلا الحب والبغض والولا
كذاك البرا من كل غاو ومعتد
وروى أبو داود الطيالسي في مسنده والطبراني في الصغير والحاكم في مستدركه وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يابن مسعود ، أي عرى الإيمان أوثق ؟ ) قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ( أوثق عرى الإسلام الولاية في الله والحب في الله والبغض في الله ) .
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الأعمال الحـب في الله والبغض في الله ) . وروى الإمام أحمد والطبراني في الكبير عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال : ( أن تحب لله وتبغض لله وتُعمل لسانك في ذكر الله ) قال : وماذا يا رسول الله ؟ ، قال : ( وأن تحب للناس ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ) .
وروى الإمام أحمد والطبراني أيضا عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله فقد استحق الولاية من الله ) . وروى أبو داود في سننه والبيهقي في شعب الإيمان والحافظ الضياء المقدسي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ) . وروى الإمام أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل الإيمان ) قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي في تلخيصه .
وروى أبو داود الطيالسي والنسائي واللفظ له عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه ، أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب في الله وأن يبغض في الله وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا ) . وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما بغير هذا اللفظ .
وروى الحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا : ( الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء مـن العدل ، وهل الدّين إلاّ الحـب في الله والبغض في الله ، قـال الله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }) .
وروى أبو نعيم أيضا من طرق عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم :{ أحب في الله وأبغض في الله ووال في الله وعاد في الله فإنك لن تنال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك. وصارت موالاة الناس في أمر الدنيا وأن ذلك لا يجزئ عن أهله شيئا } .
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : {من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعاد في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئا} .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى : فإذا كانت البلوى قـد عمت بهـذا في زمن ابن عباس رضي الله عنهما خير القرون فما زاد الأمر بعد ذلك إلا شدة حتى وقعت الموالاة على الشرك والبدع والفسوق والعصيان اهـ .
قلت : والأمر بعد زمن الشيخ عبد الرحمن أعظم وأعظم ، ولا سيما في زماننا هذا الذي قد اشتدت فيه غربة الدين وانعكست فيه الحقائق عند الأكثرين حتى عاد المعروف عندهم منكرا والمنكر معروفا ، ومن ذلك موالاة الكفار والمنافقين وموادتهم ومصاحبتهم ومجالستهم ومواكلتهم ومشاربتهم والأنس بهم والإنبساط معهم وكذلك موادة أهل البدع والفسوق والعصيان ومصاحبتهم ومجالستهم ومواكلتهم ومشاربتهم والأنس بهم والإنبساط معهم كل ذلك قد صار من قبيل المعروف عند أكثر الناس بل عند كثير ممن ينتسب إلى العلم والدين .
وأما الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله وهجر أهل المعاصي لله والإكفهرار في وجوههم من أجل ما ارتكبوه من المعاصي فكل ذلك قد صار عند كثير من الناس من قبيل المنكرات .
حتى أن كثيرا من المنتسبين إلى العلم قد صاروا يدندنون حول انكار هذه الأعمال الفاضلة المحبوبة إلى الله تعالى ويعدونها من مساوئ الأخلاق ، ويعيبون على من يعمل بها ويذمونهم ويعدونهم لذلك أهل تجبر وتكبر وتعنت وشذوذ وتشديد وغلو في الدين ، وقد سمعت هذا أو بعضه من بعض الخطباء والقصاص الثرثارين المتشدقين الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون ، ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون .
وسمعت بعضهم يصرح على رؤوس الأشهاد بانكار الحب في الله والبغض في الله ، وسمعتهم أيضا يحثون الناس في خطبهم وقصصهم على حسن السلوك مع الناس كلهم واستجلاب مودتهم ومحبتهم ويرغبونهم في إظهار البشاشة لكل أحد وسواء على ظاهر كلامهم الصالح والطالح من الناس , وربما صرح بعضهم أن هذه الأفعال الذميمة من حسن الخلق ومن مقتضيات العقل .
فيقال لهؤلاء الحيارى المغرورين ، العقل في باب الحب والبغض والموالاة والمعاداة عقلان :
أحدهما : عقل مسدد موفق قاهر للهوى والنفس الأمارة بالسوء قد استنار بنور الإيمان وصار الحاكم عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذا العقل يقتضي من أصحابه أن لا يقدموا على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ويقتضي من أصحابه أن يحبوا في الله ويبغضوا في الله ويوالوا في الله ويعادوا في الله ويعطوا لله ويمنعوا لله ويسارعوا إلى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال سواء رضي الناس أو سخطوا لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وما أقل أهل هذا العقل في هذه الأزمان المظلمة .
والعقل الآخر : عقل معيشي نفاقي مخذول قد قهرته النفس الأمارة بالسوء وأسرته الحظوظ الدنيوية والشهوات النفسية وصار الحاكم عليه الهوى فمحبته لهواه وبغضه لهواه وموالاته لهواه ومعاداته لهواه وبذله لهواه ومنعه لهواه . فهذا العقل يقتضي من أربابه أن يتملقوا لسائر أصناف الناس بألسنتهم ويحسنوا السلوك مع الصالح والطالح ، وهذا العقل هو الغالب على أكثر الناس في زماننا عامتهم وخاصتهم وما أكثره في المنتسبين إلى العلم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله أبي تغترون أم علي تجترئون فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا ) . وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما عـن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تبارك وتعالى قال : لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا فبي يغترون أم علي يجترئون ) قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
وفي هذين الحديثين إشارة إلى أهل العقل المعيشي النفاقي وما هم عليه من المنافقة باللسان والتكلف والتصنع في الظاهر يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في وصف أهل هذا العقل : يظن أربابه أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ، فإنهم يرون العقل أن يرضوا الناس على طبقاتهم ويسالموهم ويستجلبوا مودتهم ومحبتهم وهذا مع أنه لا سبيل إليه فهو إيثار للراحة والدعة على مؤنة الأذى في الله والموالاة فيه والمعاداة فيه وهو وإن كان أسلم عاجلة فهو الهلك في الآجلة فإنه ما ذاق طعم الإيمان من لم يوال في الله ويعاد فيه فالعقل كل العقل ما أوصل إلى رضا الله ورسوله والله الموفق اهـ .
وفي حديث مرفوع ذكره ابن عبد البر وغيره : ( أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل قل لفلان العابد : أما زهدك في الدنيا ، فقد تعجلت به الراحة ، وأما انقطاعك إلي ، فقد اكتسبت به العز فما عملت فيما لي عليك ، قال : وما لك علي ، قال هل واليت في وليا ، أو عاديت في عدوا ) . قلت : وقد رواه أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن محمد بن أبي الورد قال : حدثني سعيد بن منصور حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بنحوه .
وذكر ابن عبد البر أيضا : ( أن الله تعالى أوحى إلى جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا قال : يارب إن فيهم فلانا العابد ، قال : به فابدأ ، إنه لم يتمعر وجهه فيّ يوما قط ) وقد رواه البيهقي في شعب الإيمان من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بنحوه .
وروى أبو نعيم في الحلية من حديث مكحول عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه مرفوعا ، قال : ( يؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له ذنبا فيقول له : هل كنت توالي أوليائي ، قال : كنت من الناس سلما ، قال : فهل كنت تعادي أعدائي ، قال : رب لم يكن بيني وبين أحد شيء ، فيقول الله عز وجل : لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي ) .
إذا علم هذا فأهل العقل المعيشي لا يرون بمداهنة البدع والفسوق والعصيان بأسا ، وكثير منهم لا يرون بمداهنة الكفار والمنافقين بأسا . وبعض أهل الجهل المركب منهم ينكرون على من يهجر أهل البدع والفسوق والعصيان ويكفهر في وجوههم ويعدون ذلك من الهجر الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لا تهاجروا ) وقوله : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) . وقد سمعت هذا من بعض الخطباء والقصاص منهم والحامل لهم على التسوية بين الهجر الديني وهو ما كان لله وبين الهجر الدنيوي وهو ما كان لحظ النفس لا يخلو من أحد أمرين : إما الجهل بالفرق بين هذا وهذا . وإما قصد لبس الحق بالباطل عنادا ومكابرة وتمويها على الأغبياء الذين لا علم لهم بمدارك الأحكام ، وهذا الأخير هو الظاهر من حال المتلبسين منهم ببعض المعاصي ليدفعوا عن أنفسهم الشنعة وليوهموا الجهال أن هجرهم إياهم من أجل المعصية لا يجوز وأن الذين يهجرونهم من طلبة العلم وغيرهم ليسوا مصيبين .........
...وقد جمع الشيخ الإمام اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني نبذة حسنة في عقيدة أهل السنة والجماعة قال فيها : ويجانبون أهل البدع والضلالات ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ولا يحبونهم ولا يصحبونهم ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان ووقرت في القلوب ضرت وجرت إليها الوساوس والخطرات الفاسدة ـ إلى أن قال ـ واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم واخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم اهـ .
وكلام السلف ومن بعدهم من أئمة الخلف في هجر أهل البدع ومن يميل إليهم كثير جدا وفيما ذكرته ههنا كفاية إن شاء الله تعالى ، ومع هذا فقد أبى أهل العقل المعيشي إلا أن يخالفوا ما كان عليه سلف الأمة وأئمتها فتراهم يبالغون في توقير أهل البدع وتعظيمهم ويحرصون على مؤاخاتهم مصاحبتهم ودعوتهم إلى منازلهم والدخول عليهم في بيوتهم ومواكلتهم ومشاربتهم والأنس بهم والإنبساط معهم وتوليتهم في الأعمال من تعليم وغيره لا فرق عندهم بينهم وبين أهل السنة نعوذ بالله من الخذلان وعمى البصيرة .
وقد صار تقريب أهل البدع وتوليتهم في وظائف التعليم والوثوق بهم في ذلك سببا في إفساد عقائد كثير من المتعلمين وأخلاقهم فتراهم لا يبالون بترك المأمورات ولا بارتكاب المنهيات فلا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
وقد روى الطبراني وأبو نعيم وغيرهما بأسانيد فيها مقال عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه مرفوعا : ( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ) . وذكر ابن الجوزي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا مثله وتقدم ذكره قريبا .
وروى أبو نعيم عن سفيان الثوري أنه قال لبعض أصحابه :{ إياك ومجالسة أهل الجفاء ولا تصحب إلا مؤمنا وألا يأكل طعامك إلا تقي ولا تصحب الفاجر ولا تجالسه ولا تجالس من يجالسه ولا تؤاكله ولا تؤاكل من يؤاكله ولا تحب من يحبه ولا تفش إليه سرك ولا تبسَّم في وجهه ولا توسع له في مجلسك فإن فعلت شيئا من ذلك فقد قطعت عرى الإسلام}
" وكيف تقوم العقيدة بلا ولاء وبراء ، وكيف ترفع راية "لا إله إلا الله" بلا جهاد! وكيف تتحقق الخيرية في الأمة بلا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر ؟، فلابد أن يحافظ على الحب في النفس نابضاً محركاً ولابد من تفريغه في حب الله ورسوله والمؤمنين ، وحب الطاعات . كما يجب أن يحافظ على الكره والبغض ويفرغ في اتجاه المعاصي وأعداء الله من المشركين ، ولابد من حرب على الذين يحادون الله ورسوله -وفق الأحكام المفصّلة في مظانها - وإلا لما قام الإيمان ولا تم الإسلام .ومن المؤسف أن ينخدع بفكر "الطاقة الكونية" فئام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ويتصدون لنشر تطبيقاته في المجتمع المسلم وهذه البلاد الطيبة. مما ينذر بعودة الوثنية والقضاء على عقيدة الولاء والبراء تدريجياً .
طرق استمداد الطاقة الكونية ( وسائل الحلول والاتحاد ) :
يتم استمداد الطاقة الكونية بعدد من الوسائل والتدريبات والأنظمة الحياتية والاستشفاءات.وكلما تعاضدت الوسائل كانت النتيجة فاعلة أكثر وكان الوصول أسرع –بزعمهم- للاستنارة "enlightment" . وفيما يلي سأذكر الطرق التي يتم التدريب عليها عندنا في هذه البلاد المباركة وللأسف !!!
1. عن طريق نظام "الماكروبيوتيك" :
وهو نظام شامل وفلسفة فكرية للكون والحياة ، تفسّر ماهية الوجود ، ومن الموجود الأول ؟وكيف وجدت الكائنات ؟ وهي فلسفة الديانة الطاوية والفلسفة الإغريقية القديمة وبوذية زن ،التي تعتقد بكلي واحد فاضت عنه الموجودات بشكل ثنائي متناقض متناغم "الين واليانغ" ، وعلى أساس فهم هذه الفلسفة ،وكيفية تكون الكائنات واطراد "الين واليانغ" في سائر الموجودات ،وأهمية الوصول للتناغم ليعود "الكل"واحداً ،ويتناغم الكون في وحدة واحدة ؛ لا فرق بين خالق ومخلوق ولا بين إنسان وحيوان أو نبات وجماد ، ولا بين جنس وجنس ودين ودين ، في عالم يحفه السلام والحب ، ويحكمه فكر واحد يعتمد فلسفة "تناغم الين واليانغ "من أجل وحدة عالمية !!
وتُقدم فلسفة "الماكروبيوتيك" في بلاد التوحيد الحبيبة في صورة دورات توعية غذائية تنبه على نظام الكون وفلسفة النقيضين "الين واليانغ" مع محاولة أسلمة هذا الفكر الفلسفي الملحد بليِّّ أعناق الأدلة ، أو فهمها من منطلق تلك الفلسفة فيزعم المدربون المسلمون أن مفهوم النقيضين "الين واليانغ" هو الزوجية المطردة في مخلوقات الله ]ومن كل شيء خلقنا زوجين [ فكل الأشياء مكونة من ذكر وأنثى ،وموجب وسالب ، وأبيض وأسود ، وحار وبارد ورطب ويابس ( لاحظ أن الكلام يبدو حقاً ! وهكذا سائر الشُُبه) وتتغير قوى "الين واليانغ" بحسب قوى العناصر الخمسة : الماء والمعدن والنار والخشب والأرض ، والتي تتغير بحسب تأثيرات الكواكب وروحانياتها ؛ فيصبح الذكر أنثى والأنثى ذكر ، ويتحول الموجب سالب والسلب موجب! ( لاحظ الفرق بين المعاني الظاهرة التي نعرفها للزوجية والذكر والأنثى ، ولاحظ المعاني الباطنية التي تتلبس بالمعاني الظاهرة للتلبيس على الناس فيما يعرفون ) . ووفق هذه الفلسفة يتم اعتماد حمية غذائية يغلب عليها الحبوب "الشعير والحنطة " والخضروات الورقية وجذور النباتات والطحالب البحرية، وتدعو لتجنب الأغذية الحيوانية ومنتجاتها من الألبان وكذلك تجنب العسل والفواكه والتزام "الميزو"وهو شعير مخمر تحت الأرض 3سنوات ويزعمون له خصائص تتعدى جسد الإنسان وصحته وروحانيته وإلى حماية منـزله من الإشعاعات النووية لو تعرض العالم لحرب من هذا النوع !! والنظام الغذائي الماكروبيوتيكي طوره الفيلسوف الياباني "جورج أوشاوا " جامعاً فيه بين بوذية زن مع تعاليم النصرانية مع بعض سمات الطب الغربي- وهو يتضمن –بلا شك- عادات غذائية وحياتية نافعة كالاهتمام بنوع الغذاء ومحاربة الشره ، وأهمية مضغ الطعام جيداً ( وفيه مبالغة عجيبة حيث تقام دورات للتدريب على المضغ فلا تبلع اللقمة من إنسان صحيح قبل مضغها 40-60 مرة ، بينما يجب على المريض بأي مرض أن يمضغها مالا يقل عن 200 مضغة قبل بلعها!! ) وشكلت هذه المنافع لباس الحق الذي على جسد الباطل فاشتبهت على كثيرين ممن فتنوا بها فحاولوا دراستها وتفسير النصوص والهدي النبوي في الغذاء على ضوئها ، غافلين أو متغافلين عن المصادمات الفلسفية لأسسها "الين واليانغ" مع معتقد المسلمين ، وما يتبع ذلك من عقيدة "العناصر الخمسة" و"الأجسام السبعة" و"جهاز الطاقة" و"الشكرات" ، بالإضافة لوصايا تجنب الألبان واللحوم والعسل!! الذي يتعارض مع منهج الإسلام في التغذية المبني على الحلال والحرام وفق الشريعة الغراء ، فاللحوم طيبة والألبان مباركة، والعسل نافع فيه شفاء ، مع قاعدة لا إفراط ولا تفريط و"ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه "وسائر آداب الطعام في هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام .
وتتعدى دورات "الماكروبيوتيك " الحميات الغذائية والتوعية الصحية لتشمل كل الحياة ، فتقدم تمارين التنفس التحولي ، وتمارين الاسترخاء والتأمل التجاوزي ، وتدعو لتعلم مهارات وتدريبات التعامل مع "جهاز الطاقة" و"شكراته" من خلال "الريكي" و"التشي كونغ" و"اليوجا" وغيرها مع الاهتمام بالخصائص الروحانية المزعومة والطبائع لجميع الموجودات فالشموع – بزعمهم- تجلب المحبة ، وحجر الكهرمان يجلب الثقة بالنفس ، واللون الأخضر يشفي الكلى ، والمانترا ( أوم ...أوم ...أوم )- وأوم اسم طاغوت هندوسي باللغة السنسكريتية- تمكن من شفاء هذا المرض أو ذاك (المانترا كلمة خاصة- وهي غالباً اسم طاغوت في أديان الشرق - تردد عند فتح كل "شاكرا" أو عند التأمل والرغبة في جمع الطاقة في عدسة قوية للتصرف بقوة الطاقة في الأشياء المحسوسة وغير المحسوسة بل المجيدين لها يستطيعون أن يقولوا للرجل :كن مريضاً فيكون مريضاً ، كن معافى ؛ فيكون معافى !!) كما يزعمون ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولابد من تصميم المنـزل بطريقة "الفونغ شوي" الصيني أو (الستهابايتا فيدا ) الهندوسي أو بالطريقة الفرعونية المؤسلمة"البايوجيوماتري"!! وهي طرق تصميم وديكور تعتمد استعمال الخصائص الروحانية المزعومة للأحجار والتماثيل "أسدي المعبد للحماية ، الضفدع ذو الأرجل الثلاثة للثروة ...." والأشكال الهندسية وخصائصها في جلب الطاقة الإيجابية "طاقة الحب والسلام" وطرد الطاقات السلبية "الكره والبغض" ، مع الأهرامات التي تعمل كهوائيات لجلب طاقة "تشي" الكونية . وعند أسلمة هذه الوثنيات عند المصممين المسلمين تستبعد التماثيل – من بعضهم - وتضاف بعض المفاهيم الإسلامية كالاهتمام باتجاه القبلة في تصميم الحمامات وفي وضعية أسرة النوم !!
فالماكروبيوتيك فلسفة شاملة يدخل تحتها أنواع الشرك والوثنية والسحر والدجل من الوثنيات القديمة والحديثة . ومع هذا يروج لها كثير ممن ظاهرهم الخير والصلاح في هذه البلاد مفتونين ببعض نفع حصل لهم باتباع حميته الغذائية ، مع أن دراسات علمية كثيرة أثبتت ضرر التزامه على الصحة والعقل لعدم وجود توازن صحيح في الحمية بين المجموعات الغذائية التي يدل العقل السليم على أهميتها ، وهي المتوافقة مع هدي النقل الصحيح في الأطعمة والأشربة . ولكن الشيطان زين لهم نسبة الأثر إلى الماكروبيوتيك فقط !! ولو علموا أن تحكمهم في غذائهم واتباعهم لأي حمية مع التزام رياضة يؤثر لا شك على الصحة ومن ثم الحيوية وصفاء الذهن ، فكيف وهم مسلمون يجمعون مع هذا دعاء وصلاة !!.
2. عن طريق تدريبات الريكي :
بدأت ”الريكي“ في اليابان على يد "ميكاوا يوسوي" ، كان أصلها دراسة معجزات الإبراء في النصرانية ، وعند بوذا ، وخرج بعد دراستها وصيام 21 يوم بمبادئها : فقد استطاع أن يدخل "طاقة الإبراء الكونية" في داخله ومن ثم خرج ليعالج الآخرين – هكذا يزعمون-!!
فـ"الرِي" طاقة قوة الحياة في الجسم والموجودة في جهاز الطاقة في الجسم الأثيري ، و"الكي" الطاقة الكونية الإلهية "طاقة الإبراء" وبعد أن يتم فتح "الشكرات" من قبل خبير الطاقة "المشعوذ" يتم التدرب على تسليك مسارات الطاقة في الجسم الأثيري لضمان تدفق كامل للطاقة في الجسم تعتمد التنفس التحولي والتأمل الارتقائي ، وفي جو هادئ وضوء خافت وفي وضعية استرخاء تام يتم التخاطب مع أعضاء الجسم عضواً عضواً بصوت رتيب خفيض "كيف حالك رئتي أنت سعيدة وبصحة جيدة ، كيف حالك معدتي ...." مع التركيز على الداخل وتخيل العضو وتأمل لونه وما يحيط به ، مع المحافظة على الشعور بالسلام والحب لكل الناس وكل الأرض بلا استثناء ومحو كل "الطاقات السلبية" من الجسم . وبعدها – كما يزعمون - يتناغم الإنسان مع جسده وتتدفق "الطاقة الكونية" بسلاسة فيه ، ويشعر بتحسن عام في صحته ، ونشاط وسمو روحي !! ومع التدريب اليومي ، مع التخلق بما يدعونه من مثاليات الريكي ؛ يصبح الإنسان صاحب روحانية عالية تمكنه من الصلاة بخشوع وطمأنينة لاسيما إذا أعطى اهتماماً خاصاً "للشكرات" العلوية الخاصة بالروحانيات ! كما تصبح صحته جيدة بدون أدوية وجراحات، ولن يحتاجها غالباً لأن جسمه أصبح صديقه ، وأصبح متوافقاً مع عقله وروحه ونفسه ، وستصبح أخلاقياته عالية لتأثير التدريبات على الشهوة الغضبية ، وتخليص الجسم من الطاقات السلبية كالبغض وغيره . وبالتدريج يصبح المتدرب أكثر روحانية وسمواً وسلاماً وحباً لكل الناس ! ويصبح ذا طاقة عجيبة تمكنه من علاج المرضى بلمسة علاجية من يده! أو طاقة قوية يرسلها له عن بعد ، ولو عبر الشبكة العنكبوتية ، أو عبر الهاتف إذا تم اتفاق على الوقت وعرف المدرب اسم المريض واسم أمه !!
3.عن طريق تدريبات التشي كونغ :
والتشي كونغ تدريبات صينية تعتمد على إدخال طاقة "التشي" الكونية ، وتدفيقها في الجسم الأثيري للإنسان ليتم توافقه مع أجسامه الأخرى ، وتناغمه مع الطاقة الكونية . وتقدم دورات "التشي كونغ" في عدد من المستويات ولكل مستوى أجزاء يختص كل منها بتدريبات خاصة تبدأ بدراسة الجسم الأثيري والتعرف على مواضع "الشكرات" وممارسة تدليك كامل لها تدريجي مع الأيام ، وفهم فلسفة النقيضين المتناغمين "الين واليانغ" مع الالتزام بحمية وآداب "الماكروبيوتيك" الغذائية .
ثم التدرب على استرخاء "فان سونغ كونغ" في ضوء خافت وهدوء مع صوت رتيب وتنظيم للتنفس مع تركيز التأمل على الداخل فلا يسمع إلا صوت المدرب وصوت النفس . ثم تدريبات "كونغ جي فا " الرياضية الهادئة مع أهمية الشعور بالسلام والحب لكل العالم ، وطرد الطاقة السلبية من الجسم ، ثم استمداد الطاقة الكونية من الأعلى، ولابد من تخيلها وهي تدخل بشكل قوي من المنفذ العلوي في الرأس "الشاكرا" مع إغماض العينين وتحريكهما مغمضتين بشكل دائري . مع التنقل بالتركيز ووضع اليد من منفذ لمنفذ من منافذ الطاقة "الشكرات" وتخيل العضو الخاص بكل "شكرا" مع محيطه وهو يمتلئ مع الشهيق بطاقة "التشي" مع كل المشاعر الإيجابية ، ويطرد الطاقة السلبية مع كل زفير . إلا أنه يجب الانتباه عند تدريب القلب والدماغ فلا ينبغي تخيل طاقة "التشي" متجهة لهما مباشرة لأن ذلك خطر ويسبب تلف فيهما !!
هذه تدريبات الجزء الأول من المستوى الأول من مستويات دورات "التشي كونغ" التي تقدم ويتهافت عليها مجموعات من الخائفين والخائفات على الصحة والأمراض المستعصية وأمراض تقدم السن ، وفئام من الدعاة والداعيات والتربويين والتربويات لتنشيط الطاقة والشعور بالروحانية لمواصلة الحياة على درب التربية والدعوة الشاق !!
ويزعم المدربون أنه مع مواصلة التدريب والترقي في مستويات التدريبات يصبح الجسم صحيحاً والروحانية عالية والأخلاق فاضلة والذهن وقاداً ( ومالا يقوله المدربون المسلمون : أن المآل يصبح كذلك مأمون ومضمون إذ فرص الوصول للتنور ، والنجاة من جولان الروح تزيد مع مشاعر السلام والحب التي تغمر النفس والعقل والروح فتصرفه عن البغض والجدال والحروب ) .
4. عن طريق تدريبات وطب الطاقة :
وهي دورات تقدم إما بتقنيات "البرمجة اللغوية العصبية" أو مستقلة عنها ، تحتوي دوراتها على شرح مفصّل للجسم الأثيري وجهاز الطاقة وللدماغ وتقسيمات الواعي واللاواعي . وتتضمن تدريبات التخيل والاسترخاء والتركيز على العين الثالثة"بين الحاجبين" واستمداد "طاقة الطبيعة الإيجابية "من الكون والشعور بها تتدفق في الجسم ويمكن –حسب ما يدعون- إرسالها من شخص لآخر من بُعد بنفس التركيز وتخيلها شعاعاً أبيضاً ينساب منه إلى من يريد مع أهمية إلغاء كل ماحول الشخص المرسل من أفكار أو أصوات أو أشخاص !! ويدّعون أنه يمكن تجميع الطاقة الإيجابية بين راحتي اليد لصنع "كرة المحبة" وقذفها على من نشاء برفق ، وسنجده ينجذب إلينا بقوة طاقة المحبة الإيجابية ؟! وهم يؤكدون على ضرورة التدرب على يد مدرب طاقة خبير ، وفي مكان ترتاح له النفوس لأنها تقنيات خطيرة ، قد تصيب المتدرب بأضرار صحية ونفسية إذا زادت كمية الطاقة عن حدود تحمله ! ويزعمون أن هناك من أصيبوا بشلل من جراء التدفق غير المتوازن للطاقة الكونية في جسدهم !!
ولكل يوم تدريب خاص يركز على "شاكرا"خاصة ومعرفة لونها المفضل ، والعضو والحاسة المؤثرة فيها لتمام الاستفادة والوصول لتناغم كلي مع الكون والطبيعة ؛ يشعر المتدربون بعده بالسلام والحب ينطلق من الأعماق لكل الكون ولكل الناس من أي جنس أو بلد أودين !! !!
5. عن طريق التأمل التجاوزي والارتقائي :
تعتمد على تدريبات التنفس العميق الذي يضمن دخول طاقة "البرانا" إلى داخل الجسم "البطن" ، ويكون من الفم لا الأنف لأن الفم أكبر مع إغماض العينين وتحريك الحدقة بشكل دائري والتركيز على عملية الشهيق والزفير ، ويجب أن يتم تحت يد مدرب خبير لنتظيم وقت الشهيق والزفير والتحول من الفم للأنف ، ثم التبادل بين فتحتي الأنف لضمان تغذية متوازنة لشقي الدماغ من طاقة "البرانا" الكونية . كما تعتمد على تمارين الاسترخاء عن طريق تأمل الذات من الداخل للوصول للنشوة والنرفانا "التناغم مع الطاقة الكونية"- المزعومة - فدورات التأمل الارتقائي هي : تمارين رياضية روحية من أصول ديانات الشرق وممارسات دينية هندوسية وضع المهاريشي يوجي ( مدعي الألوهية الهندوسي)
عام 1955م طريقتها المعاصرة ، وكلمة (Transcendental Meditatio) ويرمز لها بـ (TM) أي التأمل الارتقائي مسجلة عالمياً باسم "المهاريشي يوجي" ، ولهذا صنفته محكمة مقاطعة نيوجيرسي الأمريكية في شهر اكتوبر 1977م كممارسات وعلوم دينية ومنعت تعليمه والتدريب عليه في المدارس العامة .
والتأمل الارتقائي ممارسة تهدف – عند أهلها - إلى الترقي والسمو ، والوصول للاسترخاء الكامل ، ومن ثم النرفانا ، فالارتقاء المقصود هو الارتقاء عن الطبيعة الإنسانية ، وتجاوز للصفات البشرية إلى طبيعة وصفات الآلهة "الطواغيت" – كما يزعمون - ، ودوراته تعتمد على إتقان التنفس العميق مع تركيز النظر في بعض الأشكال الهندسية والرموز والنجوم (رموز الشكرات) وتخيل الاتحاد بها مع ترديد ترانيم ، أو سماع أشرطة لها بتدبر وهدوء وتتضمن كثير من هذه الترانيم استعانة بطواغيت عدة مثل :” أوم ...أوم...أوم .) وصورة التأمل الارتقائي المقدمة في بلاد التوحيد لاتختلف عن ذلك إلا في بعض محاولات "الأسلمة" فستبدل الترانيم بكلمة لا معنى لها نحو :"بلوط ..بلوط ..بلوط" ، أو كلمة لها معنى روحي عند المسلم : "الله ..الله ..الله " "أحد ..أحد .." ويزعمون تدليساً أو جهلا – هداهم الله – أن هذه "مانترا" إسلامية عرفها الرسول والصحابة وكان يرددها بلال بن رباح رضي الله عنه في بطحاء مكة فأمدته بطاقة كونية جعلته يتحمل البلاء الشديد في تلك الفترة !!
عن طريق دورات البرمجة اللغوية العصبية :
" البرمجة اللغوية العصبية " واختصارها الغربي "NLP" وهي خليط من العلوم والفلسفات والاعتقادات والممارسات ، تهدف تقنياتها لإعادة صياغة صورة الواقع في ذهن الإنسان من معتقدات ومدارك وتصورات وعادات وقدرات ؛ بحيث تصبح في داخل الفرد وذهنه لتنعكس على تصرفاته . يقول المدرب وايت ود سمول: " الـ NLP عبارة عن مجموعة من الأشياء . ليس هناك شيء جديد في الـNLP ، أخذنا بعض الأمور التي نجحت في مكان معين ، وشيء آخر نجح في مكان آخر وهكذا " . وظاهر تقنيات البرمجة تهدف إلى تنمية قدرة الفرد على الاتصال مع الآخرين، وقدرته على محاكاة المتميزين. ولها باطن يركز على تنويم العقل الواعي بإحداث حالات وعي مغيّرة لزرع بعض الأفكار ( إيجابية أو سلبية ) في ما يسمونه "اللاوعي" بعيداً عن سيطرة نعمة العقل . وعند أهله الغربيين دعاة الوثنية الجديدة تبين أهمية الخروج من "الوعي المنتبه" إلى "الوعي غير المنتبه" بحالات "الوعي المغيرة" التي تُشعر النفس بالسكينة والاطمئنان والاندماج مع "الوعي التام" في الكون !
وفي بعض المستويات المتقدمة - عند بعض مدراس البرمجة- تُعتمد فلسفة الطاقة وجهازها الأثيري –المزعوم- ويُدرب فيها على تمارين التنفس والتأمل لتفعيل النفع به.
وبالإضافة إلى مافي دورات "البرمجة اللغوية العصبية " من خطورة فهي تشكل البوابة للدخول في الدورات الأخرى التي تعتمد فلسفة استمداد "الطاقة الكونية" -المزعومة- ضمن سلسلة تقنيات "النيوإييج"والوثنية الجديدة ، فبعد تمام تفعيل الطاقات الكامنة يُندب إلى التدرب على تمارين استمداد "الطاقة الكونية" ومن بعدها يكون الشخص مؤهلا لدورات التدريب على استخدام الطاقات والقوى السفلية من خلال تعلم الهونا والشامانية والتارو وغيرها تقول (كريستين هولبوم) في مقالة بعنوان " الاستشفاء بطب الطاقة، والشامانية والبرمجة اللغوية العصبية" في مجلة (أنكور بوينت) الخاصة بالـNLP،في عدد اغسطس 1998م : "
إن طب الطاقة لم يؤسس على علم الأمراض، إنما أسس على التساؤلات التالية:
ماهي رسالتك في الحياة ؟ لماذا وجدت في هذه الحياة وفي هذا الجسد؟ ماهي آمالك وكيف يمكنك تحقيقها؟ " مما يبين أن التسمية بطب وعلاج واستشفاء ماهي إلا تسمية باطنية ظاهرها ما يعرفه الناس وباطنها فلسفات الشرق والغرب .
والذي يجب التنويه إليه أن هذه "الطاقة الكونية" المزعومة منبعها فلسفة "الطاوية" دين الصين القديم ، وفق تصورهم المشوه للكون والحياة ، وتقدح في توحيد الربوبية فضلا عن الألوهية وكذا في توحيد الأسماء والصفات . كما أن هذه التطبيقات تقدم نماذج الدجاجلة والمجاديب قديماً وحديثاً على أنهم حكماء ومعلمين "مستنيرين" فعبر الفضائيات التي تبث هذا الفكر وتروج له وبالذات قناة "نيو" في برامج دجّالة العصر "مريم نور" التي لاتفتأ تعظّم الحلاج وابن عربي ، وبوذا من القدماء وتذكرهم بالخير جنباً إلى جنب مع علي بن أبي طالب ومحمد صلى الله عليه وسلم والمسيح عليه السلام ! بالإضافة إلى رؤوس دجاجلة العصر الحالي كا "الساي بابا" ، و"المهاريشي" و"الدلاي لاما" ممن وصلوا لـ"التنور"!! ويدعون الألوهية ويتبعهم ملايين في الشرق والغرب!!!
كما أنه من المهم الإشارة إلى أن المتبنين لهذه التطبيقات والمروجين لها بصورها التدريبية والاستشفائية في العالم هم طائفة "النيواييج" "العصر الجديد" وهي من أكبر الطوائف الوثنية الجديدة في الغرب ، ذكرت مجلة النيويورك تايمز في عددها الصادر 29 سبتمبر 1986م في مقالة بعنوان " المبادئ الروحية تجتذب سلالة جديدة من الملتزمين" تعريفاً لهم ولطريقتهم ملخصه :
" يدعي"النيواييج" أنهم أصحاب عصر جديد من الفهم والنضوج الذهني شبيه بعصر النهضة التي تلت القرون الوسطى في أوربا ، ولا يهتمون بما يوجد أو يتبقى في أذهان أتباعهم من الأفكار والمعتقدات ومنها الديانات السماوية وغيرها إنما يهتمون بما يضاف إليه من أفكار وتطبيقات . ويرجع عدم اهتمامهم إلى قناعتهم أن منهجهم الجديد مع الزمن كفيلان بترسيخ المفاهيم الجديدة وتلاشي المفاهيم القديمة ، ومن هنا نلاحظ تركيزهم على الأدوات المدروسة بعناية مثل: التأثير على العقل من خلال برامج تشبه الـ (NLP) .
التأثيرعلى النفس من خلال الـ (Reiki) وماشابهه من برامج الطاقة .
التأثير على الجسد من خلال برامج الماكروبيوتيك والآيروفيدا وما شابهها .
التأثير على الروح من خلال برامج مثل اليوغا والهونا .
ويفسر علماء الاجتماع ظاهرة انتشار طائفة "النيو إييج" بأنها تتبع حاجة المؤسسات الانتاجية الحديثة إلى القيم كموجه أساسي للدافعية والانتاج على مستوى الفرد أولاً والمؤسسة ثانياً. وأنهم قد وجدوا ضالتهم ضمن أهدافهم " الدولارية " في فكرة " قوة طاقة الحياه" (Life Energy Force) التي إن تناغمنا معها حصلت السعادة والسلام والوحدة في العالم الجديد. ولكي يتم تغيير الناس يتم تغيير إدراكهم ووعيهم بإضافة بعض التقنيات السايكولوجية في حياتهم مثل التأمل (بمفهوم البوذية) ، والتنويم ، والترنيم (بمفهوم الهندوسية) ، والتغذية (بمفهوم الطاوية) ، والعزلة، والاستهداء بالأرواح والكائنات ذات القوى الروحية (كالأصنام والأحجار الكريمة والألوان وgods والجوديسات ) .
ويرى علماء النفس الذين درسوا هذه البرامج أن المشاركين فيها يكونوا في "حالة من التحول" (Altered State) يُمكن قادة مجموعاتهم من التأثير على طريقتهم في التفكير وزرع ما يرغبون فيه من أفكار (لزيادة الانتاج )" .
وبعد فهذه أبرز الطرق والتدريبات التي تقدم في بلاد العالم ومنها بلاد التوحيد الغالية بصورة دورات تدريبية ، أو علاجات استشفائية ، ورياضات ، وهناك غيرها كثير كالقراءة الضوئية والسفر خارج الجسد ضمن منظومة العلوم الباطنية المعتمدة على فلسفات "الطاقة الكونية" التي تهدف مباشرة –كما يزعمون - لتناغم الجسد والروح والعقل والنفس مع الكون والترقي فيه والاتحاد به ، واستمداد الطاقة الكونية منه . يقول مدرب الريكي المسلم " تدرب حتى تتحد بالعقل الكلي فيما الريكي تتدفق في داخلك " .
ويقول مدرب البرمجة العصبية والطاقة المسلم : هدفنا من الاسترخاء التنويم الإيحائي الوصول إلى "النرفانا".
ومما جاء في كتاب التنفس التحولي الذي ترجمته مدربة التنفس التحولي المسلمة : "المرحلة النهائية في الجلسة التنفسية تتمثل بارتقائك إلى مستويات أعلى من الإدراك . ويمكن بلوغ هذه المرحلة من خلال الدعاء الواعي والفراغ الحيوي الذي تولد بفعل التنفس . ولا شك في أنك ستجد نفسك في حالة استرخاء وتأمل عميق ، لا بل وقد تخوض تجربة روحانية ما " .
ويقول خبير الطاقة والماكروبيوتيك المسلم في تعريفه لكتابه المترجم "علم الطاقات التسع" :
(ستكتشف في هذا الكتاب إلى أي نوع من النجوم تنتمي وأي فئات من الناس تنسجم معها أكثر من غيرها ، ومن هو الشريك المثالي لك ، وستكتشف أيضاً ، أي مجال عمل أو مهنة تناسبك أكثر ، ومتى وفي أي اتجاه تسافر أو لا تسافر، وأي سنوات وأشهر هي الأفضل لجعل حلمك حقيقة ...).
وصدق الإمام ابن تيمية عندما قال تعليقاً على صنيع فلاسفة عصره في ترويجهم لهذه الفلسفات : "وهذه الاختيارات لأهل الضلال بدل الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين ، وأهل النجوم لهم اختياراتهم" وقال مبيناً حقيقة صنيع هؤلاء وما يجرّونه على الأمة من خطر : " كذلك كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد بل يسوغون الشرك أو يأمرون به أو لا يوجبون التوحيد ...كل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم إذ بنوه على ما في الأرواح والأجسام من القوى والطبائع وإن صناعة الطلاسم والأصنام لها والتعبد لها يورث منافع ويدفع مضار فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم ينه عنه " .
ويقول الإمام الذهبي محذراً من طريقة هؤلاء مبيناً الطريق الأمثل للصحة والسعادة والروحانية :
" الطريقة المثلى هي المحمدية ، وهو الأخذ من الطيبات ، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف ..وقد كان النساء أحب شيء إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ، وكذلك اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك، وهو أفضل الخلق وأحبهم إلى الله تعالى ثم العابد العري من العلم متى زهد وتبتل وجاع ، وخلا بنفسه ، وترك اللحم والثمار ، واقتصر على الدقة والكسرة، صفت حواسه ولطفت ، ولازمته خطرات النفس ، وسمع خطاباً يتولد من الجوع والسهر ... ، وولج الشيطان في باطنه وخرج ، فيعتقد أنه قد وصل ، وخوطب وارتقى ، فيتمكن منه الشيطان ويوسوس له ...وربما آل به الأمر أن يعتقد أنه ولي صاحب كرامات وتمكن !!"
وبعد فالنداء موجه إلى عقلاء الأمة من العلماء في الطب والنفس والعلوم الطبيعية بالإضافة إلى علماء الشريعة والعقيدة لأخذ الموضوع بعين الاعتبار ، وتوعية الناس والمؤسسات الإعلامية ، والتعليمية والتربوية ، والجهات الحكومية والهيئات الرقابية بحقيقة هذه الوافدات الفكرية وخطورتها على الدين والنفس والعقل والمجتمع ، وضرورة التصدي لها :كل بحسب تخصصه ، وطريقته ومنبره فقد أخذت بالانتشار تحت مظلات متنوعة وبصور متلونة مما يتطلب توعية سريعة لحماية عقول وقلوب الأمة والذود عن جناب التوحيد