اخواتي الكريمات لقد شرفنا الله سبحانه
بأن جعلنا من خير الأمم كما قال في كتابه الكريم
( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ))
سورة آل عمران
الآية 110
وهذه الخيرية هي شرف وأمانة الدعوة إلى الله
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه المهمة بحاجة
لهمة عالية وصبر على المكاره ..
ولكن ما هو تعريف الهمة ؟؟
الهمة عمل قلبي ، والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه ،
وكما أن الطائر يطير بجناحيه ، كذلك يطير المرء بهمته ،
فتحلق به إلى أعلى الآفاق ، طليقة من القيود التي تكبل
الأجساد.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة
فقد كان عالي الهمة ، حريصا على هداية الناس ، مسلمهم
وكافرهم ،
حُرِّهِم وعبدهم ، كبيرهم وصغيرهم ، و قد قال صلى الله عليه
وسلم :" إن الله إذا أراد بعبد خيرا استعمله
قيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟
قال : يوفقه للعمل الصالح ثم يقبضه عليه "
وكان صلى الله عليه وسلم ينتهز جميع الفرص للوعظ
والتذكير فهو بعد الصلاة يدعو الناس ويحببهم إلى ربهم
وفي السوق يرغبهم فيما عند خالقهم
وفي الطريق يذكرهم بمعبودهم .
وكان يصيح بهم قائلا :
" بلغوا عني ولو آية ، بلغوا عني ولو آية "
وقال صلى الله عليه وسلم :
" إن الله وملائكته وأهل السماوات والأراضين حتى النملة
في جحرها ، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير "
°¤§][ خصائص عالي الهمة ][§¤°
- عالي الهمة لا ينقضُ عزمه ، قال تعالى
( فإذا عزمت فتوكل على الله ))- عالي الهمة لا يرضى بالدون ولا يرضيه إلا معالي الأمور
لذلك لا يرضى بما دون الجنة .
- عالي الهمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته ،
وتحقيق بغيته ، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره ،
وأن المصالح والخيرات لا تنال إلا بحظ من المشقة ،
ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب .
- عالي الهمة يُرى منطلقا بثقة وقوة وإقدام نحو غايته
التي حددها على بصيرة وعلم ، فيقتحم الأهوال ، ويستهين
الصعاب . قال تعالى :
(( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان
سعيهم مشكورا ))
وقال صلى الله عليه وسلم :
" من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله
غالية ،ألا إن سلعة الله الجنة "
- عالي الهمة يندم على ساعة مرت به في الدنيا لم يعمرها
بذكر الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم :
" ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم
لم يذكروا الله عز وجل فيها "
- عالي الهمة لا يضره وحشه الطريق فعالي الهمة ترقّى
في مدارج الكمال بحيث صار لا يأبه بقلة السالكين ، ووحشة
الطريق لأنه ينال مع كل مرتبة يرتقي إليها من الأنس بالله ما
يزيل هذه الوحشة ،و إلا انقطع به السبيل .- عالي الهمة يعلم أنه إذا لم يزد شيئا في الدنيا فسوف يكون
زائدا عليها ، ومن ثم فهو لا يرضى بأن يحتل هامش الحياة ،
بل لابد أن يكون في صلبها ومتنها عضوا مؤثرا .
- عالي الهمة لا يعتد بما له فناء ، ولا يرضى بحياة مستعارة ،
فهو لا يزال يحلق في سماء المعالي ، و لا ينتهي تحليقه دون
عليين ،فهي غايته العظمى ، وهمه الأسمى .
- عالي الهمة شريف النفس يعرف قدر نفسه في غير كبر ، و
لا عجب ،ولا غرور ، وإذا عرف المرء قدر نفسه ، صانها
عن الرذائل ،وحفظها من أن تهان ، ونزهها عن دنايا الأمور
، و سفاسفها في السر والعلن ، وجنبها مواطن الذل بأن
يحملها ما لا تطيق و يضعها فيما لا يليق بقدرها ، فتبقى نفسه
في حصن حصين ، وعز منيع لا تعطى الدنية ، و لا ترضى
بالنقص ، ولا تقنع بالدون .
- عالي الهمة عصامي لا عظامي يبني مجده بشرف نفسه ،
لا اتكالا على حسبه ونسبه ، و لا يضيره ألا يكون ذا نسب ،
فحسبه همته شرفا ونسبا ، فإن ضم كبر الهمة إلى نسب
كان كعقد علق على جيد حسناء .
°¤§][ من أسباب الارتقاء بالهمة ][§¤°
- العلم والبصيرة يصعد بالهمة ، ويرفع طالبه عن حضيض
التقليد ،ويُصفي النية.
- إرادة الآخرة ، وجعل الهموم هما واحدا ، قال تعالى :
(( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان
سعيهم مشكورا ))
وقال صلى الله عليه وسلم :
" من كانت همه الآخرة ، جمع الله له شملَه ، وجعل غناه في
قلبه ،وأتته الدنيا راغمة ، ومن كانت همه الدنيا ، فرق الله
عليه أمره ،وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما
كتب الله له "
- كثرة ذكر الموت ، عن عطاء قال :
كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء ، فيتذاكرون
الموت والقيامة والآخرة ويبكون .
- الدعاء لأنه سنة الأنبياء ، وجالب كل خير ، وقد قال صلى
الله عليه وسلم :
" أعجز الناس من عجز عن الدعاء "
- الاجتهاد في حصر الذهن ، وتركيز الفكر في معالي الأمور
قال الحسن البصري رحمه الله :
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
- التحول عن البيئة المثبطة ..
إذا سقطت الجوهرة في مكان نجس فيحتاج ذلك إلى كثير
من الماء حتى تنظف إذا صببناه عليها وهي في مكانها ،
ولكن إذا أخرجناها من مكانها سهل تنظيفها بالقليل من الماء .
- صحبة أولي الهمم العالية ، ومطالعة أخبارهم ، قال صلى
الله عليه وسلم :
" إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر "
- نصيحة المخلصين ، قال صلى الله عليه وسلم :
" إن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين
وعامتهم "
- المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف ، قال تعالى :
(( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ))
منقول