البحث عن طفل «متوازن»
يتنافس الآباء والأمهات في الوقت الحاضر على زيارة الأطباء النفسيين لمعرفة ما إذا كان طفلهم يتطور بشكل طبيعي، وللاستفادة من نصائح تساعدهم في التربية.
«والده وأنا سنفترق، هل يجب أن نخبره؟ وهل يسبب له الخبر اضطرابا؟». «ابنتي تغضب بشكل كبير.. فهل سيستمر الأمر فترة طويلة، أم ستتحسن الأمور؟». «إنه يتناول الكثير من الطعام بين الوجبات، هل عليّ أن أمنعه؟».
تتضاعف يوما بعد يوم الأسئلة التي يطرحها الآباء، بحثا عن نصائح تساعدهم في مواجهة المشاكل العائلية، ويمكن ان نلاحظ ذلك في المجلات والمواقع الالكترونية، وأيضا لدى الأطباء النفسانيين، الذين كان الآباء القلقون يستشيرونهم في وقت سابق بعد اكتشاف مرض عند الطفل، لكن اليوم تغيرت الأمور وفق الدكتور الان براكونييه، المختص في الأمراض العقلية، في مركز فيليب لوميل في باريس وصاحب كتاب «أن تكون أباً اليوم»، الذي يقول: ما يدفع الأب أو الأم لاستشارة المختص النفسي اليوم هو الحاجة الى التحقق من ان طفلهم أو طفلتهم بحالة جيدة.
لقد أصبحنا نقدم اليوم اقتراحات من النوع النفسي والتعليمي، هدفها طمأنتهم لأن هؤلاء الآباء يتساءلون في أعماقهم كيف يمكن أن يكونوا مصدر قلق وعدم توازن لصغيرهم، سواء حين يكون في مرحلة الطفولة أو المراهقة.
لغز الأب المثالي
ووراء فكرة صعوبة تحديد «الطفل المتوازن» نكتشف لغز الأب المثالي.. هل يكون متراخيا جدا أو بعض الشيء، متسلطا جدا أو نوعا ما، حاضرا بقوة في محيط الطفل أو نوعا ما.
أدى هذا التطور في التفكير وفي العلاقات بين الآباء والأبناء، إلى إنشاء أماكن لاستقبال الآباء في فرنسا تتميز بمرونتها ومجانيتها أيضا مثلما هو الحال في مدينة نانت، حيث يتحدث مختصان نفسيان مع الآباء، الذين يمرون بالمركز لشرب كأس من القهوة أو الشاي مع الأطباء والتحدث عن الصعوبات التي يواجهونها مع أطفالهم.
تقول المختصة النفسية فريديريك فيليب: نحن نحاول دوما أن نأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل عائلة وكل حالة، لكن حين يكونون ضمن مجموعة وحول مادة، يتمكن الآباء من تبادل الأفكار فيما بينهم.
إنهم في الغالب الأمهات اللواتي يبحثن عن النصائح وعلى الخصوص الأمهات اللواتي يربين أولادهن بمفردهن بعد انفصالهن عن أزواجهن.
تضاعف المشكلة
تقول الدكتور فريديريك فيليب إن قضية العدوانية تتكرر، فالولد لا يطيع والأم لا تستطيع التحكم في غضبها، فيعاندها وتتضاعف المشكلة.. نحن نشرح للآباء والأمهات كيفية التعامل مع الغضب ونعلمهم كيف يضعون مسافة بينهم وبين أطفالهم، وكم هو جيد ومثمر جدا الابتعاد عن الطفل حين يكون على هذه الحالة.
نحن نقترح على الأم أن تنفصل عن ابنها وإن للحظات وفي البيت ذاته، فموضوع الانفصال هذا أصبح موضوعا محوريا في العلاقات الحالية بين الأم وابنها، وأما الآباء الذين نلتقيهم، فيتساءلون دوما أي مكانة يمكن أن يشغلوا في العائلة.
هذه التساؤلات تعبّر عن عدم تقدير الآباء لأنفسهم بالشكل المطلوب، وفي هذه النقطة يقول الدكتور الان براكونييه: تواجه كل العائلات العديد من الضغوط، لكن على الآباء أن يصمدوا قبالة محيط اجتماعي ومهني ملزم وسريع جدا، وعلى الأطفال أيضا أن يتكيفوا مع الصفات المطلوبة من قبل المدرسة التي باتت متطلبة أكثر من ذي قبل.
توازن الطفل
أمام هذا نحن لا نتوقف عن تذكير الآباء بضرورة احترام القواعد والسلوكيات الجيدة، فمن الطبيعي جدا أن يرغب الطفل في اللعب مرة أو عدة مرات في اليوم، وأن يفضل بعض المواد على المواد الأخرى، ونحن نكرر أن كل واحد بمقدوره أن ينجح حقيقة في المجال الذي يهتم به.
هل يمكن أن نحافظ على توازن الطفل في عالم متسارع ومتغير؟
يقول الدكتور ألان براكونييه إن هذه المهمة رئيسية للأب والأم، اللذين ينبغي عليهما الانتباه الى أي لحظة يمكن أن يخافا فيها على ابنهما من هذا العالم.