السلام عليكم ورحمة الله
يتحرك الإنسان في حياته بدوافع من تفكيره ومشاعره - أي ان العقل والقلب هما اللذان يحددان سلوك الإنسان ويتحكمان في طبيعة أنشطته وتصرفاته. وقد يختلف الاثنان في بعض الأحيان ويصطدمان ويتصارعان, والمعروف ان العقل والعاطفة لا يتفقان على طول الخط, والاختلاف وارد خصوصاً ان العقل يتحكم أكثر من الماديات, أما العاطفة فإنها تتعلق بالمشاعر والأحاسيس والأهواء الشخصية, ويختلف بعض الأشخاص عن البعض الآخر بسبب تفاوت درجات التحكم والسيطرة لكل من العقل والقلب على الإنسان. والسعيد هو الذي يحقق التوازن والتناغم والانسجام بين الاثنين, أما الاستسلام لأحدهما على حساب الآخر فإن ذلك يطبع الشخص إما بطابع الأنانية وحب الذات والانجراف للأهواء الذاتية أو بالطابع المادي البارد الجاف الذي يفتقر إلى النزعة الإنسانية, ولهذا أصبح من الضروري الجمع بين الاثنين بطريقة متوازنة.
هذا الجمع التناغمي بين الاثنين يجعل الإنسان في أحسن حالاته. فهو يجمع - في اهتماماته - بين المادة والعاطفة, وبين الروح والجسد, ويستخدم عقله في تدبير شؤونه وعمله اليومي فيما يفيده ويفيد الآخرين, ويستجيب لأحاسيسه ومشاعره في تعامله مع الغير وإبراز تعاطفه معهم واهتمامه بهم وإكرامه إياهم.
وحتى فيما يتعلق بمشاعر الحب والتقدير لابد من استخدام العقل أولاً للاقتناع بالفكرة والهدف, وهذا يعني ان القلب يحتاج إلى ما يطمئنه بأن الشخص الذي استحوذ على مشاعر الإعجاب والاهتمام يستحق ذلك. وفي هذه الحالة يحدث التوافق بين العقل والقلب, وهذا هو الانسجام المطلوب.
وإذا كان العقل هو خزانة العلم والمعرفة فإن القلب هو خزانة المشاعر الأصلية والحكمة الروحية, وتوافق الاثنين يظل لصالح الإنسان ولصالح استقراره النفسي والفكري والمادي.
ويشبه الخبراء العقل والقلب بشاطئ النهر, فهما اللذان يحفظان ماء النهر ويضمنان استمرار التدفق والاستغلال الصحيح والمفيد للماء, فإذا ضاع أحد الشاطئين - أو كلاهما - فإن الماء يُهدر ولا تتحقق الفائدة المرجوة.
هذا التوافق بين القلب والعقل, وبين الروح والجسد, وبين العاطفة والفكر المنطقي يضمن للإنسان الطريق الصحيح ويحقق له التحرر من المؤثرات الخارجية الخاطئة.
وقيام القلب والعقل بتأدية وظائفهما معاً وفي آن واحد لا يعني التداخل أو التضارب, وإنما يعني التعاون والمؤازرة.
ان أسلوب "التعديل الذكي" هو أساس التوافق بين العقل والقلب والروح والجسم. وهذا التوافق - في ظل التوازن والانسجام التامين - من شأنه هداية الإنسان إلى الصواب والتوفيق في تحقيق الهدف المنشود من دون خطأ أو انحراف.
هذا عادة ما يتم التوصل إليه في النهاية نتيجة الانسجام بين العقل والقلب, وفي ظل الوفاق بين الروح والمادة, والنتيجة النهائية هي التمتع بحياة تكاملية سعيدة والعيش في ظل مشاعر السلام والوئام والرضا عن النفس مع رضا الآخرين عنا كذلك. وهذه هي النتيجة الطبيعية للفهم الروحي الصحيح بكل ما حولنا من أمور. وتظل هذه النتيجة لصالح الإنسان في جميع الأحوال.
منقول