حسن الخلق لا تخفى فضيلته في الدين، وقد مدح الله سبحانه وتعالى به نبيه عليه السلام إذ قال ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة القلم/4] وقال أسامة بن شريك: قلنا: يا رسول الله ما خير ما أعطي الإنسان؟ فقال صلى الله عليه وسلم «خُلُقٌ حَسَنٌ». ومن حسن الخلق اختيار الصديق الصالح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «الـمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ».
ولا خير في صحبة الأحمق وقد قيل:
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه ... فكم من جاهل أردى حليما حين ءاخاه
ولا بد أن يتحلى الصديق بحسن الخلق إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه ولكن إذا غضب خالف ما هو معلوم عنده لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه. أما الفاسق، فالخطر كل الخطر في صحبته وقد روي أن الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه قال "عليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء"، وقد جاء في وصية رجل لابنه حين حضرته الوفاة أنه قال "يا بني، إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك" وقيل "إصحب من إذا مددت يدك إلى الخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها".
فما أحوجنا اليوم إلى رجال بهذه الصفات أصدقاء وإخوان وحكّام، فمن أسباب خراب البلاد وفساد المجتمع سوء العشرة بين العباد والأنانية والانغماس في الملذات دون النظر إلى حدود الشرع وميزانه. وبالاختصار عليك أن تختار الصديق الصالح وأن تحذر من صديق السوء، وقد قال أحدهم:
الناس شتى إذا ما أنت ذقتهم ... ولا يستوون كما لا يستوي الشجر
هذا له ثمر حلو مذاقته ... وذاك لـيس له طعم ولا ثمر