لم تعُد تُغريني الدنيا بأكملها ،
بزُخرفها وبريقها ،
بقصورها وناطحاتِ سحابها !
الدنيا ذاتها التي لهث الكثيرون خلفها ،
فعمروها أكثر مما عمرتها أممٌ قبلهم !
متناسين أنها حطــــــــــــــــام ،
وأنها عند الله لا تساوي جناح بعوضة !
لم يدركوا يوماً أنها ظل زائل لا دوام له
وأن أحدهم فيها كمسافر استظل بشجرةٍ ثم راح وتركها !
يؤلمني حقاً
أن تُعمر دارٌ هي إلى زوال !
لأني أشعرُ أن عُمراً يُسرف حين يُشغل بذلك والله لا يُحِبُ المسرفين !
ترى !
كيف لا يشعر أحدنا بحقارتها ،
وهو يودع في كل يوم حبيب أخذه الموت بأمر الله إلى الدار الباقية ؟
أهي الغفلة ؟
أم طول الامــــــــــــــل ؟
أم لذة البقاء في حياةٍ تنتهي عند أول سكرة ؟
لو أننا نستحضر جمال الجنة في قلوبنا كل يوم لكنا بخـــــــــــــــــير !
بل بخـــــــــــــــــــــــيرٍ جــــــــــــــــــــــــــداً
لو فعلنا ذلك لسقطت الدنيا من أعيننا !
لزهدنا فيها كما لم نزهد من قبل
حـــــــــــــــــــقــاً
لم تعد تُغريني الدنيا !
لم يعد يفعل ذلك سوى الجنة !
الجنة التي تأسرني عند أول خيال يأخذني إليها ،
ولقصورها التي تزينت بلبناتٍ من ذهبٍ وأخرى من فضة !
لحشيشٍ هو الزعفران ،
وخيامٍ هي اللؤلؤ ،
لحياةٍ دائمة لا تشوبها الأحزان ،
ولا الهموم ، ولا تعب الفقد !
لعناق أحبةٍ رحلوا عن دنياي بغتة
فانحنى القلب لهم شوقاً ،
وذبلت العينان عليهم بكاءَ !
للقاءات سرمديه لا نشعر معها بمر الوداع ،
ولا وجع الذكرى ، ولا ألم الغياب !
لسعادةٍ ممتدة لاتنقطع ،
ولحياة لا تعرفُ أيامها النهاية !
يا الله !
وحدها الجنة !
تحثني ذكراها للعمل ،
للصلاة ،
لسجداتِ السحر ،
لصيامِ الهواجر ،
لذكرِ الله ،
لكل شيء يُدنيني منها
عزائي وسلوتي أن لها رياضاً بيننا
هي حِلق يُذكر فيها اسم الله ،
وتتلى فيها آياته ،
ما رتع فيها أحدٌ إلا من سعادة الجنة أخذ ،
ومن نعيمها استلذ ،
ومنها دنى بإذن الله !
فإذا مررتم بها ياصحبُ فارتعوا !
عسى أن يكون ملتقانا في الجنة .