التقت ضفدعةٌ دودةً ألفية (تسمَّى في تركيا ذات الأربعين رجلا) فقالت لها: "عندما تمشين، في أيِّ اتجاه وبأيِّ منطق تحركين أرجلك الكثيرة؟!" دخلت الدودةُ جحرها، وبقيت تفكِّر مهمومة، فأطالت التفكير؛ ولما أرادت المشي استحضرت السؤال، فحاولت أن تحرِّك أرجلها بمنطق عقلها، فاختلط عليها الأمر، وتداخلت الأرجل، ولم تقدر على السير، حتى ماتت!
هذا المثل يساق لتحليل العلاقة بين الفكر والفعل؛ فرغم أنَّ كلَّ فعل ينبغي أن يصدر عن تفكير وروية، لكنَّ الأفعال البديهية، اليومية، الاعتيادية، المألوفة، ينبغي أن لا نشغل العقل بها، إذ يكفي أن نأتيها كما اعتدنا وكفى؛ ثم نوفر طاقة العقل لغير المألوف، وللجديد، وللصعب، ولما يجب فيه التفكير حقا.
ويشبه هذا المثل مثلا عربيا آخر، يقول: "تفلسف الحمار، فمات جوعا"، ومورد المثل: "كان هناك حمار يمشي في الطريق، وقد أنهكه التعب والعطش والجوع، وبعد مدة من السير وجد على اليمين العشب وعلى اليسار الماء، فذهب ناحية اليمين ليأكل العشب، فقال لنفسه بأنه عطشٌ جدا جدا، ولما أراد الذهاب ناحية اليسار لشرب الماء قال لنفسه بأنه جائعٌ جدا جدا، وبقي على هذه الحال حتى مات"...
، فكر، ثم اعمل؛ واعمل، وأنت تفكر؛ لكن لا تكن مثل "الدودة الألفية"، ولا مثل "الذي تفلسف"... فمات!!!.