لأشخاص
الذين لا يحميهم مأوى ، أو الذين يقطنون أماكن سيئة العزل أو سيئة
التدفئة، والأطفال الرضّع وحديثو الولادة، والمتقدمون في العمر، والمصابون
بأمراض مزمنة قلبية وغدية وتنفسية وعصبية، والذين يتناولون أدوية معينة
والمدخنون ومدمنو شرب الكحول، والمصابون بالنحولة المفرطة هؤلاء جميعهم
يتأثرون بالبرد أكثر من غيرهم لتوافر ظروف فيزيولوجية أو مرضية أو بيئية
تسمح للبرد ان يحقق ضرباته، ومن أشهر الضربات التي يتركها البرد في الجسم،
انخفاض حرارة الجسم، فالمعروف أن درجة حرارة الجسم ثابتة تدور حول 37 درجة
سلسيوسية بفضل تعاون آليات يشرف عليها مركز يقع في الدماغ، غير أن السكن في
أمكنة أو بيئة باردة لفترات طويلة يشجع على فقدان سريع لحرارة الجسم،
عندها يحاول هذا الأخير، عبر آلياته المختلفة، الحفاظ على الدرجة الطبيعية،
ولدى فشل هذه الآليات في التوصل إلى المطلوب تنخفض حرارة الجسم بسبب ضياع
كمية كبيرة منها بحيث تفوق تلك التي تنتجها خلاياه، وإذا كان انخفاض حرارة
الجسم شديداً، فإن وظائف الدماغ تتعرض للخلل، ويعاني المصاب جملة من
الأعراض، منها: برودة الجلد وشحوبه، بطء التنفس، الارتعاش، الكلام المبهم،
التعب، البلادة، عدم القدرة على التفكير السليم والقيام بالحركات اللازمة.
وما يزيد الوضع سوءاً أن المريض لا يدرك بنفسه أنه يعاني حالة طبية طارئة
تحتاج إلى علاج عاجل.
يحدث انخفاض حرارة الجسم عادة في الجو البارد الذي تهبط فيه درجة الحرارة
إلى ما دون الصفر، وهو أيضاً يحدث عندما تكون الحرارة فوق الصفر، وتشير
التقارير الطبية إلى أن ربع حالات انخفاض الحرارة تتم داخل المنازل، أما
النسبة الباقية فتحصل في الخارج.
وتختلف مظاهر انخفاض حرارة الجسم باختلاف درجة الهبوط فيها، وبشكل عام
يمكن القول أنه في حال انخفاض حرارة الجسم بفارق بسيط عن المعدل الطبيعي
تتجلى المظاهر في التلعثم وقول كلام غير مفهوم والارتباك الذهني والإعياء
مع بداية الارتعاش.
وفي حال انخفاض الحرارة في شكل وسطي، فإن المصاب يشكو من: الإحساس
بالبرودة، والتنميل في الأطراف، والارتعاش المتوسط والحاد، وعدم القدرة على
القيام بالأعمال المضنية باليدين، ولكن المصاب يستطيع المشي والكلام.
وفي حال انخفاض الحرارة إلى ما فوق المتوسط تلوح العوارض الآتية: المعاناة
من الإعياء والتعب والإحباط، والارتعاشات الشديدة، والحركات البطيئة
والصعبة، وصعوبة الكلام واستعمال اليدين.
أما في حال انخفاض الحرارة الشديد تظهر اللوحة السريرية الآتية: تتوقف
الارتعاشات، وتتصلب العضلات، ويتحول لون الجلد إلى الأزرق، ويصبح المريض
غير قادر على المشي، ومن ثم يبدأ فقدان الوعي، وتتهاوى ضربات القلب وعدد
مرات التنفس، وإذا لم يتم إسعاف المريض على الفور فإنه يصاب بهبوط في القلب
والرئة ينتهي بالموت لا محالة.
الخطوة الأولى التي يجب القيام بها لمعالجة الهبوط في الحرارة هي نقل
المصاب إلى مكان دافئ أو على الأقل وضعه بعيداً من مصدر البرودة. وإذا كانت
ملابس المريض مبللة فيجب نزعها عنه واستبدالها بأخرى جافة، ومن ثم العمل
على تدفئة القسم المركزي من الجسم، أي البطن والصدر والرأس، باستعمال
بطانية جافة أو بطانية كهربائية إذا وجدت. انه لخطأ فادح البدء في تدفئة
الأطراف لأنه قد يقود بالمصاب إلى الموت بسبب توسع الأوعية وتدفق الدم إلى
الطرفين العلويين والطرفين السفليين وبالتالي حرمان الجزء المركزي للجسم من
كمية معتبرة من الدم، فيقل الضغط الشرياني ويصاب القلب بالهبوط وتتراجع
حرارة أعضاء الجسم المركزية.
وفي حال كان المريض واعياً يمكن مده بمشروبات دافئة غير الشاي والقهوة، من
أجل رفع حرارة جسمه. أما إذا كان فاقد الوعي فيجب عدم تقديم أي مأكولات أو
مشروبات له، بل المباشرة في عملية الإنعاش. وطبعاً يجب الامتناع عن استعمال
المشروبات الكحولية.
والبرودة الشديدة قد تؤدي إلى تجمد أجزاء الجسم التي تقل فيها التروية
الدموية، مثل أصابع اليدين والقدمين والأنف والأذنين، وتعرف هذه الإصابة
بعضة الصقيع، وفيها يكون الجلد في البداية محمراً مؤلماً ليصبح في مراحل
متقدمة ابيض اللون شمعياً، وفي عضة الصقيع الشديدة جداً يتحول لون الجلد
إلى الأزرق أو الأسود ويكون بارداً وملمسه صلباً وحس الألم فيه غائباً
كلياً، وتأثير عضة البرد قد يتجاوز الجلد ليطاول العضلات. إن الشعور بالوخز
قد يكون الشكوى الأولى في عضة الصقيع.
لا تنسو إلبسو ثياب دافئة و لا تعرضو أنفسكم للبرد لمدة طويلة إدا لم يكن ذلك ضروري.
مع تحياتي