دموعي لا تسكب الا على عظيم
إن هي الا ومضة من قبس الزمن , أنارت الكون وما حوى, وأنبتت الزرع وأخرجت المرعى , وعلى أديم الأرض نما واستوى , وجرت
الدماء في عروق الأحياء, استبشارا بغيث أنزله رب السماء , واهتزت التربة وكسيت رداء , طالما عانق النفوس المطمئنة , عادى تلكم الأمارة الخبيثة, وقليلا ما صاحب اللوامة , إلى أن تعلقت نفسه شغفا وفتونا بحب الرطب الجني , ففضل المكان الوسط بين القلب والعقل , ومكث ما شاء الله له من الوقت يرنو لأعلى بعينين عسليتين , لعل غريبا أو نقيبا من بطن البيداء متربص , وطال المكوث , وفجأة لمع برق و اكفهر وجه السماء فحجبت الرؤيا , وإذا بشخص غامض الملامح يتقدم صوب النخلة ثم مد يديه نحو عرجونها , فظننت أنه يبتغي الرطب منها , لكنه اجتثها من أصلها , فانكشف الساق عن الساق , وعلمت حينها المطمئنة أنه وقت الفراق.
بكت , ناحت , تهاوت ... وعلى حبات الرمل تمددت .....
سارعت لضمها ومسح ما تعلق بمحياها من حبات الرمل , وعيناي تسكبان العبرات, فجرت جداول فؤادي وديانا وأنهارا بدموع لم أألفها من ذي قبل وتجمهر من حولي من علم بالأمر , واخترقت السهام الحجاب , وتفننت الألسن في تحليل الأسباب , لكن الحقيقة لا يعلمها الا الجليل الوهاب.
ابراهيم تايحي