أنا من هؤلاء الذين يحترق دمهم و تتغير كيميا أمزجتهم سريعا كلما طرأ ما يزعجني. يتدفق الأدرينالين غزيرا و تجري الدماء نحو قلبي فتتزايد دقاته. لذلك حين أتتني الفرصة كي أتبرع بالدم. لم أفوّتها.. تشبثت بها على أمل أن أوسّع الحيز الذي تتحرك فيه دمائي علها بهذه المساحة الواسعة المكتسبة -و الباقية على الأقل لثلاثة أشهر - لا تندفع نحو قلبي بسرعة جنونية في كل مرة يُحرق فيها دمي.أذهب لـ بنك الدم. يبتسم الأخصائي في وجهي و هو يغرس إبرته في ذراعي. أشاهد دمي و هو يندفع نحو الكيس. و كأنه ملّ من حبسته بداخلي. أُملي على الأخصائي بيانات المريض الذي جئت لأتبرع له. يمنحني رقم كيس الدم و يخبرني أن أُعطيه للمرض كي يُظهره لهم حين يجيء لاستلام كيس بديل. أفكّر في أن جزءٌ مني سيبيت الليلة في هذه الثلاجة و أنه بعد حين سينتقل إلى جسد أحدهم. أفكّر جديا في مدى إمكانية شعوري بتلك اللحظة التي ستغرس فيها إبرة حادة في ذراع شخصٍ ما يقبع في مشفى لتنتقل دمائي إلى أوردته؟. أفكّر في إمكانية انتقال مزاجي الحاد و سرعة تعكّر دمي له عبر دمائي.في اليوم التالي أدخل في مشادة مزعجة. و ياللعجب يحترق دمي و تتصاعد الدماء بسرعة جنونية لقلبي و يتدفق الأدرينالين صاخبًا حادًا. أندهش مما حدث فدمي الآن أقل مما هو عليه في الواقع بـ 450 مللم.. و هناك حيزًا فارغًا بحجم هذه الكمية. و مع ذلك لم تتغير سرعة اندفاع الدم لقلبي و لم يقل تعكّره.أعود لأُشفق على هذا الذي ستنتقل له دمائي فكرياتي الحمراء و البيضاء و صفائحي الدموية ليست وحدها التي ستنقل له.
لستُ مجبوراً أن أُفهم الآخرين من أنا.. فمن يملك
مؤهِلات العقل والإحساس
سأكـون أمـامهُ كالكِتاب المفتـوح وعليـهِ أن يُحسِـن الإستيعاب
إذا طـال بي الغيــاب فَأذكـروا كـلمــاتي وأصفحــوا لي زلاتـي
انا لم اتغير.. كل مافي الامر اني ترفعت عن (الكثير) ... حين اكتشفت... ان (الكثير) لايستحق النزول اليه
كما ان صمتي لا يعني جهلي بما يدور (حولي) ... ولكن أكتشفت ان ما يدور (حولي) ... لايستحق الكلام